«الكًحلة» في عيون الفراعنة .. لغة للعين ورؤية للميت

[ad_1]

رصدت دراسة تاريخية للدكتور محمد أحمد إبراهيم، أستاذ التاريخ الإسلامى بآداب بنى سويف، الكحل في التراث المصري، حيث أكدت إدراك المرأة فى مصر القديمة لسر لغة العيون كلغة تفوق لغة الكلام تعبيرًا وتفسيرًا فتفننت في تجميل العيون بشتي الصور لتكون لغة العين أكثر إثارة في قلوب محبيها وعشاقها.

يقول د. محمد إبراهيم  أن الكحل فن من فنون تجميل العيون عرفه المصريون القدماء وبرعوا فيه فقبل سبعة ألاف سنة سجل الفراعنة علي جدران معابدهم استخدام الكحل للنساء والرجال معا بل جعلوه إرثًا في رحلة البعث والخلود ودفنوا بعضه في مقابرهم.

ويضيف الدكتور محمد أحمد إبراهيم أن للعين رمزية في التراث المصري القديم تفوق أي عضو آخر في جسد الإنسان حتى القلب والمخ حيث كانت هي بطلة الصراع بين الخير والشر منذ أن اقتلعها ست من وجه حورس، واعادتها إيزيس، ومن ساعتها أصبحت العين تعني الحياة، ولم يرسم المصري عينًا مغمضة أبداً، فالقناع الذي يغطي المومياء لابد له من عين مفتوحة، وعين مفتوحة على التوابيت التي تحتوي المومياء، وكان الاعتقاد أن بتلك العين المفتوحة يرى الميت مايحدث حوله، ومن هنا زادت أهمية الكحل.

كذلك عرف عن الملكة كليوباترا كثرة وغزارة استخدامها للكحل في عينيها كما عرف عن العرب قديما اشتهارهم بوضع كحل الزينة وكانت اول من وضعته(زرقاء اليمامة) ولم يكن استخدام الكحل عند العرب للزينة فقط وإنما لتخفيف أشعة الشمس الساطعة في أماكن انتشارهم التي كان معظمها صحاري في الجزيرة العربية والبادية .

ويلقى خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بجنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار الضوء على هذه الدراسة موضحًا أن مادة الكحل الطبيعي كانت تستخرج من حجر هش لامع يسمي ( الإثمد) وهو عبارة عن حجر أسود يميل إلي الحمرة وبعضه لامع فضي يدق ويصنع منه كحل العين وكان أشهره وأجوده في الحجاز والمغرب وأصبهان وقد أوصي الرسول صلي الله عليه وسلم باستخدام الكحل وذكرت عدة أحاديث في ذلك منها عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم ( اكتحلوا بالإثمد فإنه يجلوا البصر ويجف الدمع وينبت الشعر) كما ورد في سنن أبن ماجه وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما قال ( كانت للنبي صلي الله عليه وسلم مكحلة يكتحل منها ثلاثًا في كل عين) فقد كان الكحل فوق كونه أداة للزينة والتجمل علاج يستخدمه البعض لعلاج العيون وإجلاء النظروهو ماجعل رجال العرب ونسائها والبادية يستخدمنه حتي الآن.

وينوه الدكتور ريحان من خلال الدراسة إلى أن صناعة الكحل لم تكن قاصرة علي حجر الإثمد فقد تفننت بعض الطبقات الفقيرة من النساء في صنعه من نوي البلح بعد حرقه وإضافة زيت الزيتون له أو لبان الدكر لتكحيل العيون به وهو مايسمي بالكحل البلدي عوضا عن كحل حجر الإثمد.

وارتبط الكحل بالمكحلة وهي الوعاء الذي يوضع به مادة الكحل اما أداة التكحيل فهي المرود أو المرودة وهي عبارة عود صغير مصنوع من ( الخشب – العاج – الفضة – الزجاج) دقيق الأطراف يبلل بالماء ثم يغمس في مسحوق الكحل ويمرر بين الجفنين وقد تفنن الصانع في العصور الإسلامية بصنع وابتكار أشكال عديدة من المكاحل علي هيئة اشكال نباتية وحيوانية يحتفظ متحف الفن الإسلامي بنماذج عديدة منها .

مثل الكحل والتكحيل والعيون الكحيلة جانبا مهما من جوانب التراث العربي والتراث المصري علي السواء , فقد كان مادة غنية لأشعار الكثير من الشعراء و فيذكر عن الشاعر ذي الرمة:

كحلاء في برج صفراء في دعج، كأنها فضة قد شابها ذهب كذلك من شعر قيس بن الملوح ( مجنون ليلي ):

زرعن الهوي في القلب ثم سقينه.. صابا ماء الشوق بالأعين النجل

رعابيب ماصدن القلب وإنما .. هي النبل ريشت بالفتور والكحل.

ويتابع الدكتور ريحان بأن الكحل واستخدامه في المجتمع المصري لم يقتصر علي التجميل وإبراز مفاتن العين إذ استخدمته بعض النساء لتكحيل الأطفال اعتقادًا أنه لتوسيع عين الطفل او وقاية من الحسد والحاسدين خاصة الأطفال الذكور كما ارتبط عند بعض النساء بحلقات الزار وإخراج الجن كذلك استخدمنه البعض لإطالة الرموش القصيرة وتحديد اتساع العين أو إخفاء مابها من عيوب .وقد مثل الكحل مادة غنية في تفسير الأحلام  ففسرت رؤيته علي إنه زيادة في المال وتبصر في الصلاح وقيل زيادة ضوء البصر والبكر إذا اكتحلت فإنها تتزوج أما المتزوجة إذا اكتحلت فترزق بمولود.

لقد لعب الكحل وارتباطه بالعشق والغرام دورا مهما في التراث المصري باعتباره وسيلة من وسائل إظهار جمال المحبوب أو سببا في عشقه والتغزل فيه عندما كان الجمال طبيعيًا .

اقرأ ايضا || صور| تعرف على حكاية الحلي والمجوهرات عند الفراعنه وكيفية أستخدامة للزينة



[ad_2]

المصدر