أسرار الأقنعة في مصر القديمة ودلالاتها الحضارية | بصور

[ad_1]

رصدت دراسة أثرية للباحثة الآثرية حنان محمد الشرقاوي، مدير عام ترميم متحف الشرطة القومي بالقلعة، تاريخ الأقنعة فى مصر القديمة ودلالاتها الحضارية وهى مرحلة وسيطة ما بين الرؤوس البديلة والبورتريهات التي ترجع إلى عصر الرومان والتي تتجلى في وجوه الفيوم التي تطورت إلى فن الأيقونات القبطية.

وتشير الباحثة الآثرية حنان الشرقاوي، إلى الوظائف الأساسية للقناع فمنها أقنعة تحمل شبه المتوفي لتعرف الروح عليه وأقنعة التخفي وهي ستارًا يخفي الوجه الحقيقي لصاحبه وأقنعة التحويل لتحويل الشخصية الحقيقية إلى شخصية أخرى بعينها يقصدها المتحول، ويرى علماء النفس أن هذه الأقنعة عبارة عن هروب من واقع إلى واقع أخر.

وتضيف حنان الشرقاوى، أن الإنسان البدائي عرف هذا النوع نظرًا لخوفه من المخلوقات الغريبة والظواهر الطبيعية التي لم يعرف لها تفسيرًا  ولم يستطع مقاومتها فوجد في هذه الأقنعة سبيلًا للمشاركة في قيادة الكون كما ذكر في رسالة اليونسكو 1977 وفى أقنعة التخويف يعطي القناع لصاحبه طاقات غير معروفة ويوفر للشخصية الخفية الظهور بتلك الطاقات والسمات المتعددة.

وأكدت أن صناعة الأقنعة نشأت لحاجة المجتمع فمنها ما هو رمزى ومنها ما كان للاستعمال في الطقوس الفنيه والجنازات والحفلات وكانت تتطور بتطور الإنسان وثقافات المجتمع وتنوعت الخامات المصنوعة منها وزاد اعتناء الفنان المصري بتفاصيلها مثل الترصيع بالعيون الصناعية وهناك دلائل على استخدام هذه العيون منذ عصر ما قبل الأسرات.

وأشارت الدكتورة نعمات أحمد فؤاد، خبيرة الآثارن إلى أن المصريون القدماء كانوا على علم تام بفن الترصيع والتطعيم والتزجيج، فكانت الجفون تصنع من النحاس أو البرونز ولونه إما أسود أو أزرق أو رمادي غامق وكانت القزحية تصنع من الزجاج الأبيض المعتم غير الشفاف. 

وترى أن العيون المرصعة في عهد البطالمة 332 ق م كانت تصنع من الزجاج الأبيض غير الشفاف ثم يركب قرص من الزجاج الأسود تمثل القرنية ثم يحاط بحافة من الزجاج المقوس الذي صنع بإتقان.

ويلقى خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان، مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بجنوب سيناء، الضوء على هذه الدراسة موضحًا أن ما حفظ من الآثار الذهبية بمصر القديمة يوضح أنهم كانوا على جانب كبير من الخبرة والمهارة وأنهم يملكون القدرة على صياغة كميات كبيرة من الذهب منذ الأسرة الرابعة وأكبر دليل على ذلك مظلة الملكة (حتب حرس) أم الملك خوفو وكان الذهب يصاغ بطريقتين إما الصب وإما الطرق على صفائح الذهب للتشكيل مثل الرقائق التي تغطي الأثاث .

وذكر سبنسر في كتابه “الموتى وعالمهم فى مصر القديمة” ترجمة أحمد صبيح محرم دلائل صناعة الأقنعة ومن المدهش العثور على قناع من الطين طوله 11سم يرجع إلى عصر قبل الأسرات (4200-5000 ق. م) في حضارة ميريمدا وهي من أولى الحضارات التي عرفها المصري القديم، ويعد هذا برهانًا على أن نشأه الأقنعة مع نشأة الإنسان القديم ولكنها اختلفت من حيث الشكل والحجم والخامة التي شكلت منها ولكنها اشتركت جميعًا في هدف واحد وهو تمثيل ملامح المتوفي والحفاظ عليها ليسهل على الروح التعرف على صاحبها.

ويشير الدكتور ريحان، طبقًا لما جاء بالدراسة إلى وجود قالب صب قناع سالب وآخر موجب بالمتحف المصري تحت رقم (6/24/2/12/10) من الجبس يرجع إلى نهاية الدولة القديمة بسقارة وكانت إما أن تصنع بشكل ملامح المتوفي أو تصب عليه مباشرة ثم يضاف إليها بعض التفاصيل اللازمة بعد ذلك، وفي الدولة الوسطى ظهرت عادة اشتراك ولي العهد في الحكم مع الملك وكان لها أثرًا في إدخال فن البورتريه فكان الفنانون يصنعون نموذجًا وضعه لهم أساتذتهم لينقلوا عنه ويدل على ذلك أن مجموعة الملك سنوسرت الأول في قفط وثيقة الشبه مع مجموعة والده أمنحات الأول كما يقول برنارد مايرز (الفنون التشكيلية وكيفيه تذوقها ).

ونوه إلى أنه منذ الأسرة 12 ظهرت مدرستان، مدرسة الشمال تتميز بجمال الملامح ومدرسة الجنوب ذات واقعية مباشرة وخشونة قد تصل إلى الصرامة في هذه الفترة أعتاد الفنان تغطية وجه المومياء بقناع ربما يمتد إلى القدمين أما الوجه فرسمت عليه اللحية والشارب باللون الأسود الكثيف مثل الشعر المستعار أيضًا وأحيانًا كان يرسم على نهاية القناع فى منطقه أسفل القدمين صورًا للأسرى والأعداء كأنه يطأهم بقدميه ويسحقهم .

ويوضح الدكتور ريحان شكل الأقنعة في فترة الانتقال الثالث والعصر المتأخر حيث تأثرت الأقنعة الجصية في العصور المتأخرة من التاريخ المصري بسمات مشتركة من الدولة الوسطى من حيث أسلوب الزخرفة فكانت تحدد العيون والجفون باللون الأسود ويلون الوجه بلون بيج فاتح للنساء وبني للرجال وظهرت رسوم الشعر المستعار وبه زخارف تتدلى على الجبين وعلي جانبى الرقبة أما في العصور اليونانية فقد تأثرت بالفن الفرعوني الجنائزي والعقائدي حيث قلد الإغريق المصريين في طريقة زخرفة الأقنعة أما في العصور الرومانية فقد تحررت إلى حد كبير من التأثير الفرعوني وكانت بمثابة صور شخصية لأصحابها وملامحهم الخاصة وأطلق عليها مجازًا اسم بورتريهات الفيوم وهي آخر مرحلة من مراحل البورترية الجنائزي.

وذكر أنه اختلف في تسريحات الشعر حيث صففت السيدات شعرهن على هيئة بوكلات حلزونية تحيط بالجبهه وتتدلى ثلاث بوكلات أخرى إلى جانب الرقبة والشعر من الخلف مصفف على شكل كتلة واحدة ألا أنه من عصر نيرون (54-68م) أختفت هذه البوكلات على جانب الرقبة وأصبحت بوكلة واحدة مرفوعة أعلى الرأس أما الرجال فأصبح شعرهم على هيئة خصل متناثرة على الجبهة .

وأشار إلى أن في القرن الثالث الميلادي أصبح شعر السيدات مقسوم من الوسط ومتموش ومجمع عند الخلف على شكل بوكلة دائرية وشعر الرجال على هيئة خصلات تتدنى على الجبهة والوجه ملتحي، وعندما قام الإسكندر الأكبر ملك مقدونيا عام 332 ق.م بفتح مصر وأسس مدينة الإسكندرية أظهر احترامًا كبيرًا للديانة المصرية فأصبحت الإسكندرية مركزًا حضاريًا وثقافيًا في الحضارة الرومانية.

وتابع الدكتور ريحان من خلال الدراسة بأن رؤوس النساء الإسكندريات أصبحت تمثل فيها موضات العصر في تصفيف شعورهن وظهرت دبابيس الشعر لأول مرة في مصر وكذلك ظهرت عادة التذهيب للقناع وكانت قاصرة على الأعيان وأطفالهم فقد عثر على مومياوات أطفال بأقنعة مذهبة كذلك أضيف الخرز على شكل شبكات على القناع المصنوعة من القيشاتي المستطيل لونه أخضر -أزرق – فيروزي وكان الموت في الرومانية يعني الانتقال إلى كهوف الضياع لمواجهة انتقام بلوتو المنتقم المكتئب حيث كانت تعم البرودة والظلام فى تلك الأماكن النائية التي تستوعب الآلاف من الشعوب فكتب على المومياء فضائلها وخصائصها للنجاة من الانتقام وظهرت عادة وضع الأكاليل والزهور والعشب الأخضر حول رأس المتوفي لتمثل الآله أوزوريس إله الإنبات والحبوب وإله الموتى وأحياناً كان يرش الماء على الوجه قبل وضع القناع ليعيد للأذهان أسطورة شروق الشمس انطلاقًا من مياه النيل فاختلف القناع الروماني عن الفرعوني. 

ولفت إلى “نجد أقنعة تل العمارنة كانت طبيعية إلى أقصى حد بعكس ما كان في عهد حكام أجانب في العهد اليوناني والروماني فكان القناع مثاليًا ربما صنع للشخص أثناء شبابه والدليل على ذلك معظم الأقنعة الموجودة في المتحف اليوناني الروماني لأشخاص لا يتعدى عمرهم الأربعين عامًا، وكل هذا يؤكد أن الفنان المصرى كان دائم الابتكار والتطور فاستلهم فكرة القناع من الرؤوس البديلة أو رؤوس المقابر فأضفى عليها بعص اللمسات الجميلة الملونة والتى تساير موضة العصر، وهذا ما يخص الأقنعة الجصية ولم يكتف بها بل صنع أقنعة رائعة من المعادن وأقنعة من الكارتوناج زين بها وجوه الموتى”.
 

اقرأ أيضا كيف احتفظت مصر القديمة بكرسي البابوية 256 عامًا؟.. صور
 



[ad_2]

المصدر