قصة «سنوهي» والحنين إلى الوطن في مصر القديمة

[ad_1]

كان المصري القديم معتزًا بوطنه، شديد الحنين إلى أهله وأرضه، فقد أحب مصرَ وطنه، أحب أرضها وسماءها، وشمسها وقمرها، أحب ليلها ونهارها، نيلها وصحرائها وفى ضوء ذلك كانت دراسة الدكتور حسين دقيل الباحث المتخصص فى الآثار اليونانية والرومانية.

 

وأوضح الدكتور حسين دقيل أن المصري القديم أوتي عاطفة جياشة وإحساسًا مرهفًا نحو وطنه وأرضه، وظهر ذلك في أفعاله وأقواله، ومن أروع ما تركه لنا التراث الأدبي في هذا الشأن ما ذُكر في قصة “سنوهي”  الشخصية الحقيقية، فهو أحد رجال القصر؛ وعاش في عهد الملكين أمنمحات الأول وسنوسرت الأول خلال الأسرة الثانية عشر، وقصته هذه محفوظة في برديتين بمتحف برلين بألمانيا .

 

وأشار خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بمناطق آثار جنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار إلى هذه القصة من خلال الدراسة .

 

موضحًا أن “سنوهى” خرج مع فرقة من الجيش المصري بقيادة ولي العهد “سنوسرت الأول” لقتال الليبيين، وخلال المعركة وصل سرًّا نبأ اغتيال الملك “أمنمحات الأول” واستدعاء ولي العهد، وما إن سمع سنوهي بهذا الخبر الجلل خلسة؛ حتى انتابه الفزع وشعر بأن هناك فتنة سوف تقع بالقصر، وقرر ألا يعود إلى القصر أبدًا، ففر هاربًا يقطع الفيافي والقفار؛ تُسلمه بلد إلى بلد، حتى بلغ به الجوع والعطش والإعياء مبلغه وكاد أن يهلك وفي النهاية وصل إلى سوريا، فاستقبله حاكمها أحسن استقبال، وأكرم وفادته وقربه منه، وزوجه كبرى بناته، ومنحه من الأرض الكثير.

 

وأضاف: فكثر ماله وولده وأصبح ذا ثراء ضخم وسلطان واسع وجاه عريض، فتبدل شقاؤه سعادة، وخوفه أمنًا، حتى إنه ليوصف حاله هذا فيقول: “أصبحت غنيًا بما عندي من عبيد ومال وبيت فخم ومكانة رفيعة، لقد فعل ربي ما فعله بي رحمة بمن أضله الهوى ففر إلى بلد غريب، لقد كنت بالأمس لاجئًا ولكني أجد اليوم من ينتصر لي، كنت هاربًا أبيت على الطوى ويبرح بي الألم والجوع؛ والآن يطعم الجار من زادي، وكنت أهيم بعيدًا عن وطني في العراء، ولكني أملك اليوم الثياب الكثيرة والملابس البيضاء، كنت حائرًا مضطرًا إلى الجري لا أجد من أرسله، أما اليوم فأنا أملك جموع العبيد، وهذه داري أنيقة ورحابي واسعة، وقد ارتفع ذكري إلى مسامع القصر” .

 

وتابع الدكتور ريحان بأن سنوهى رغم كل هذا النعيم الرغد الذي عاشه إلا أن انشغاله بوطنه وحنينه إلى أرضه ظل عالقـًا بقلبه وعقله، وعاش متطلعًا لأن يُوارى جسده بتراب مصر بعد موته، وقد صور لنا هذا الشعور بشكل يثير في نفوسنا مدى الألم الذي ينتاب المغترب البعيد عن وطنه؛ فقال: “يا رب، يا من قدر علىَ الفرار، كن رحيمًا بي وأعدني إلى بلادي، هلا قدرت لي رؤية البقعة التي يحن قلبي للعيش فيها؟! أمن شيء لدى أعظم عندي من أن يدفن جسدي في الأرض التي ولدت فيها، ارحمني يا رب”.

 

وبعد أن بلغ به الشيب مبلغه، عفا عنه الملك “سنوسرت الأول”، وسمح له بالعودة إلى وطنه، فلم يصدق، وأخذ يجوب الطرق فرحًا مسرورًا، وقال: “ولما خوطب جلالة ملك الشمال والجنوب، في حالي، أسرع بالكتابة إليَ أن، هيا عد إلى مصر، وبلغني هذا الأمر وكنت واقفـًا بين أقاربي من أهل القبيلة، فلما قُرئ عليّ خررت ساجدًا، ثم قبضت قبضة من تراب فحثوتها على رأسي، ثم اندفعت في الحي حول خيامي وأنا أصرخ فرحًا”.

 

ولما وصل سنوهي إلى مصر، استقبله الملك وأمراء البيت الملكي أحسن استقبال معتزين به وبوطنيته، واصفين إياه بأنه: “الآسيوي الذي ولد في مصر!”.



[ad_2]

Source link